مرحباً اصدقائي اباء و امهات الأطفال المشاغبين الذين يهربون او يختبئون او يختفون عنوة حتى يسببوا لنا جلطات قلبية و نحن نبحث عنهم!! ثم يظهرون!!
تدوينة اليوم هي عن اختفاء الطفل لفترة قصيرة بفعل المشاغبة او الضياع قصير المدى في مكان عام. لن اتطرق الى اختفاء الطفل لفترات طويلة و الأحداث التي يدخل فيها تحقيقات و شرطة، هذا موضوع اخر شائك جداً و ادعو الله رب العالمين ان يعيد كل طفل الى اهله و يحمي الأطفال جميعاً من ذلك المصير المجهول و يبقيهم في كنف اهلهم دائماً و أبداً.
هروبي من البيت!
عندما كنت في الرابعة من عمري، كنت اعيش في بيت جدي الرحيب، كان عندهم عاملة منزلية او ما نطلق عليهم باللهجة السعودية الشغالة، كان اسمها سمية، كبيرة في السن و عاشت عندنا لسنوات و سنوات، و كانت "تمون" علينا كثيراً، توبخني و تعاتبني و تحبني، و في يوم من الايام وبختني في المطبخ وبالطبع لا اذكر السبب، و لكن اذكر جيداً ان الوقت كان ظهراً و امي كانت في العمل، لم اتحمل توبيخ سمية و غضبت كثيراً، اخذت بطانيتي الصغيرة و وضعت فيها العابي و مسكتها مثل الصرة التي اراها في افلام الكارتون، حملتها على ظهري و خرجت الى حوش البيت الذي يوجد فيه شباك مطل على غرفة السائق سيام، كان سيام سائقنا الجديد القادم للتو من سيريلانكا و كان لا يعرف البلد و اطباع اهله و اعتقد انه لصغر سنه لا يعرف انه يجب عليه الا يقبل طلبات طفلة صغيرة في عمري مهما كان بدون اذن والديها!
وقفت امام الشباك المرتفع، و اخذت اقفز و اقفز حتى وصلت اليه و خبطته بيدي الصغيرتين، فتح سيام الشباك و نظر الى اسفل فرآني، قلت له خذني الى بيت خالتي، وافق سيام و ركبت معه السيارة و اخذني الى بيت خالتي الذي يقع على بعد شارعين من بيت جدي!
دخلت الى عمارتها و طرقت الباب لوحدي، فتحت الباب و نظرت الي و قالت: بثون وش اللي جابك!
اخذت خالتي نظرة خلفي و لم ترى احداً، قالت: جيتي لحالك؟ اذكر اني رديت و قلت ايه ثم ركضت ابحث عن ابن خالتي لأبشره بقدومي!
الى هنا توقفت ذاكرتي عن التسجيل!
و لكن امي لها رأي اخر!
تقول انها عادت من المدرسة و اخذت تبحث عني، و لأن البيت كبير و مليء، لم يلحظ احداً اختفائي الا بعد فترة من الزمن، و اخذت امي تبحث عني كالمحمومة الى ان كلمتهم خالتي و بلغتهم اني عندها!
بالطبع لا استطيع تخيل مشاعر امي في تلك اللحظات، لكن دارت الحياة و شعرت به في موقف لا نحسد عليه!
اختفاء دانة
في يوم من الأيام، كنت اشعر بالتعب و عدت الى البيت بعد الجامعة على امل ان اخذ غفوة صغيرة قبل رجوع اطفالي من المدرسة و الحضانة، كان زوجي هو من سيأخذهم في ذلك اليوم. و انا في عز قيلولتي، اتصل زوجي بي عدة مرات و هي ليست عادته، استيقظت مفزوعة، كان يتكلم بصوت عالٍ و يقول: هل طلبتي من احد ان يأخذ دانة من المدرسة؟؟ قلت لا!! و اسمعه عبر الهاتف يتكلم مع المعلمة و يقول لها من هي المرأة التي اخذت دانة؟ كيف تسلمون ابنتي الى امرأة ليست امها! و المعلمة تقول ان دانة خرجت معها سعيدة و كانت تعرفها!!
بعدها اغلق زوجي الهاتف و انا وقفت ادور في مكاني كالمجنونة! هل خُطفت ابنتي؟؟ من تلك المرأة التي اخذتها!
ركضت بسرعة البس حذائي لأخرج الى المدرسة، و قلبي ينتفض و ينبض عشرة الاف نبضة في الدقيقة، عقلي توقف تماماً عن العمل و يداي ترجفان و كأن ماساً كهربائي يجري فيها، بعد دقائق كلمني زوجي و قال عرفت من اخذها، انها صديقتي سمية (نعم هذه ثاني مرة تقرأ اسم سمية هنا، يبدو ان سمية متعلق بإختفاء الأطفال في حياتي 😂) التي وضعت اسمها كشخص ممكن ان تتصل به المدرسة وقت الطواريء، و السبب ان المدرسة ذلك اليوم كان الخروج منها ابكر من المعتاد بساعة، و لم نأتي لنأخذها لاننا لم نعلم بذلك!
المدرسة فوراً اتصلت بصديقتي التي لم تكن تعرف رقمي الجديد و لا مكان سكني الجديد، قالت لي بعدما كلمتها انها حاولت ان تتواصل معي ثم اخذت دانة و جلست في الحديقة المقابلة للمدرسة تنتظرنا عل و عسى نأتي و ترانا صدفة!
العقدة كانت شائكة و فيها الكثير من الأخطاء من المدرسة الذين لم يضيفوا ارقامنا الى سجل دانة لديهم و منا نحن ايضاً لأننا لم ننتبه لموعد خروجهم الجديد!
و لكن الشعور الذي انتابني في وقتها كان ضرباً من الجنون، لا يوجد اي وصف يمكن ان يضاهيه، و لو توقف قلبي حينها لن ألومه ابداً!
لا اتمناه لأي احد، و اسأ الله ان يحفظ ابنائنا جميعاً!
قرأت في مكان ما هذه العبارة لـ Ellen Cantarow
Making the decision to have a child–it’s momentous. It is to decide forever to have your heart go walking around outside your body
إن اتخاذ القرار بإنجاب طفل هو أمر بالغ الأهمية، هذا يعني أن تقرر إلى الأبد أن تترك قلبك يتجول خارج جسدك!
و هي حقيقة بالفعل، لم اقرأ اي عبارة تصف فعلاً شعورنا تجاه الأبناء مثل ما قالته ايلين!
و بعد تجربتنا مع اختفاء دانة القصير، بدأت في عمل استراتيجية لتفادي هذه المشاكل، بعضها كنت اطبقها قبل هذا الموقف و بعضها بعده:
١، علمت اطفالي منذ عمر صغير (سنتين تقريباً) : اسمهم بالكامل (العائلة و الاب و الجد)، اسمي انا بالكامل، اسم والدهم و اجدادهم و جداتهم، حتى اذا ضاعوا لا سمح الله يستطيعون ان يقولوا و يتذكروا اسماء اهلهم لمن يحاول مساعدتهم.
٢. بعد الموقف، كتبت ورقة كبيرة علقتها على الشباك في غرفة الجلوس, نقرأها و نعيدها و اسألهم عنها حتى تأكدت انهم حفظوها تماماً، كتبت عليها هذه المعلومات:
عنوان البيت بالكامل.
رقم هاتفي و رقم هاتف والدهم
الرقم السري لهاتفي المحمول
٣.علمت دانة و منصور كيف يستخدمون هاتفي المحمول للإتصال على رقم الطوارىء، و ما هي المواقف التي تستدعي ذلك.
٤. اذا ذهبنا الى مكان عام مزدحم، اول ما نقوم به هو اختيار منطقة معينة في هذا المكان يذهبون اليها اذا لم يجدونا، كأن يقفوا عند النافورة الكبيرة التي تقع في منتصف المكان.
٥.علمتهم من هم الأشخاص الذين يثقون بهم في المكان العام، يجب ان يكون من الأمن، و لا يتحدثون مع الغرباء.
٦، اشترينا لهم من ابل جهاز صغير للتتبع، نضعه في جيوبهم في الاماكن العامة و يمكن متابعة و مشاهدة مكانهم بالضبط في الهاتف المحمول.
٧. لا يخجلون و لا يخافون من الغرباء، اذا اقترب منهم احد عليهم بالصراخ و النداء و الهرب، و رفض اي محاولات لطيفة ايضاً، و قد قمت بعمل تدريب عملي معهم، أمثل انني الشخص الغريب و هم يعطونني ردة الفعل التي علمتهم اياها. نكرر التدريب كل فترة حتى لا ينسوه.
هذا كل مافي جعبتي لليوم.
ماذا عنكم يا اصدقاء، هل لكم تجربة مع اختفاء اطفالكم لفترة قصيرة؟ ماذا شعرتم حينها؟ احكوا لي القصة
هل لديكم استراتيجيات لتفادي هذه المواقف؟ شاركوني اياها و سأضيفها لما اعلمه لدانة و منصور.
و اذا لم يكن لديك اجابة علي تلك الأسئلة، لا بأس، اترك لي تعليقاً يخبرني انك مررت هنا و قرأت كتاباتي، فأن هذا يثلج صدري و يبعث السرور في محياي.