مرحباً اعزائي الباحثين عن طرق للإستمرار في فعل عادة معينة مثل الكتابة، و يودون خوض تحدٍ مع ذواتهم التي لا تحتاج سوى بعض من شحذ الهمة ثم الانطلاق!
انا كنت مثلكم تماماً، و لكن في اخر ثلاث سنوات اصبح لدي هوس نوعاً ما بالاستمرارية في اي نشاط اقوم به، فقد اشتغلت على زيادة قرائتي اليومية السنة الماضية و مازلت مستمرة، و حسنت من رسمي بالممارسة اليومية لأشهر بلا انقطاع الى ان اصبحت بفضل الله ارسم بأقلام الحبر بشكل فوري و تكلمت عن ذلك بالمختصر مع نماذج من لوحاتي في هذه التدوينة ، و اشتغلت على زيادة ساعات تركيزي في الكتابة و العمل المكتبي اثناء دراسة الدكتوراه بالاستمرارية و تدريب التركيز و وصلت الى عدد ساعات عالي من العمل المتواصل المنجز و سأشارككم الطريقة و ما وصلت اليه في مقالة قادمة إن شاء الله!
ما الجديد في تحدي استمراريتي؟
بعدما عدت الى تويتر قبل عدة اشهر، هالني ما رأيت من نشاط عند بعض المدونين و الكُتاب ماشاء الله، فهم مستمرون بالتدوين و النشر المستمر لأشهر و ربما سنوات، اخص بالذكر المدون معاذ المستمر بالتدوين منذ عام ٢٠١٢ الى الان، و يونس بن عمارة الذي دون و كتب لأكثر من ٧٠٠ يوم، و الكاتب حاتم الشهري الذي كتب الكثير في مدونته و لديه مؤلفات عدة و نشرة بريدية نشر فيها ١٠٠ عدد و غيرهم!
بعدما سلمت رسالة الدكتوراه و التي كنت اكتبها كتابة مستمرة و محمومة لأنهيها على الوقت، وقعت من قمة الكتابة الى قاع الراحة لاسترد انفاسي قليلاً، و لكن بدأت احس ان يدي "تحكني" رغبة في العودة للكتابة، فتحت مدونتي و بدأت اكتب و لكن بدون جدول محدد و لا خطة واضحة، صادفني على تويتر هاشتاق تحدي رديف، راقبت عن كثب ما ينشره المدونون فيه مما شجعني ان اخوض التحدي بعدما ألهمتني تجربة الكاتبة المميزة نادية ميرة التي انهت التحدي قبل ان ابدأ فيه بيوم واحد فقط، قررت ان أبدأه بالرغم من اني اعلم جيداً انه سيكون تحدٍ صعب و لكن بالنظر اليه الان، بعدما انهيته اقول ان ما تعلمته منه كان "يستاهل" الى اقصى درجة!
ما هو تحدي رديف؟
مجتمع رديف لمن لا يعرفه هو بحسب تعريفهم في الموقع "مجتمع رقميّ للمشتركين فقط يوفّر تبادل الخبرات ويرتقي بمهارات أعضاء المجتمع إلى مستوى المحترفين".
اذا كنتم من محبي الكتابة و لديكم الرغبة في صقل مهاراتكم الكتابية عموماً او في صناعة المحتوى بشكل مخصوص، ذلك يتضمن جميع انواع و اصناف كتابة المحتوى، فمجتمع رديف هو المكان الإنسب لذلك، ستجدون المزيد من التفاصيل عن مجتمع رديف و الاشتراكات هنا.
يمكنكم الانضمام لرديف عن طريق الاشتراك المدفوع او عن طريق الفوز في تحدي رديف، و هو ما انتهجته، و بعدما بدأت التحدي بأيام قليلة، تم تغيير شروط الإنضمام للتحدي و اصبحت مقننة اكثر من السابق و لكن مازالت سهلة و لا تتطلب منك اي مجهود إضافي سوى تحدي الذات و الاستمرار في التدوين، تجدون كافة تفاصيل التحدي هنا.
العقبات التي واجهتني اثناء التدوين اليومي
اثناء الأربعين يوماً هذه زارني في لندن ثلاثة من افراد عائلتي على دفعتين و استضفتهم في بيتي. كنت مشغولة جداً بضيوفي الذين اسعدوني و كنا نخرج كل يوم لنتنزه الى ساعات متأخرة من النهار، ثم يتبع ذلك مهام الأطفال و البيت و المدرسة، فقد كانت ايامي مشغولة جداً و لكن قاومت ذلك كله، كنت اكتب طوال الوقت في هاتفي الجوال و في اوقات مقتطعة مثل جلستي في القطار، و انا انتظر الحليب يغلي لأحضر إفطار الأطفال، و كنت احياناً استيقظ قبل صلاة الفجر لأكتب.
بسبب هذه السرعة في الكتابة و انشغالي اثناء زيارة اهلي تأثرت جودة بعض مقالاتي، او بالأحرى ليست بالجودة التي اتوقعها من نفسي، لذلك بدأت التحدي و انا مقتنعة انني لن افكر بتمام و كمال جودة تلك المقالات التي سأكتبها، الجودة التي تجعلني اتقاعس عن الكتابة اليومية، فالاستمرارية لا تعني انني سأنتج كل يوم قطعة فنية، يكفيني ان انشر مقالاً ممتعاً يفي بالغرض في سبيل التدريب و تحقيق الهدف و هو خلق عادة النشر و الكتابة اليومية.
مواقف مضحكة حصلت لي أثناء تحدي التدوين اليومي
كتبت عدة تدوينات و نشرات بريدية و انا نصف نائمة، و في احدى التدوينات التي كتبتها عن مراجعة كتاب لليافعين نمت لمدة خمس دقائق و فتحت عيني لأجد انني كتبت "القوات الأمريكية" في منتصف تلك المراجعة! لا اعلم كيف خطرت في بالي و من اين اخرجها عقلي الباطن، فأنا لا اتابع الأخبار بتاتاً و لا اهتم بذلك، يا سبحان الله!
كتبت ذات يوم تدوينة جميلة عن المجلات و كانت طويلة جداً و كلها معلومات و روابط، و لكن لسبب اجهله فقد قررت مدونتي ان تحذف الكثير مما كتبت و لم يتبقى سوى ربع المقالة!! تحسرت عليها كثيراً و كتبت تدوينة بموضوع اخر و تركت المجلات في المسودة، ربما ارجع لها لاحقاً!
ما الذي ساعدني ان استمر في الكتابة و النشر اليومي؟
القراء الرائعين المتابعين لي خلال هذه الفترة و تعليقاتهم المشجعة، صحيح ان العدد لم يكن كبيراً و لكن كانوا نفس القراء يترددون و يزورن المدونة كل يوم تقريباً، يشاركونني تعليقاتهم اللطيفة و تشجيعهم، و أكتشفت بعدما فزت في التحدي و انضممت الى رديف ان بعضهم مشتركون و متواجدون هناك، و كم كانت سعادتي كبيرة بذلك، فهم من نخبة الكتاب و المدونين على الساحة. اود ان اذكر كل بإسمه و لكن هم يعرفون انفسهم، اشكركم من كل قلبي!
الإعلان اليومي على تويتر عن التدوينة الجديدة، ربما وجود من يتابعك و يتابع تغريداتك يجعلك تشعر بأنك ملتزم بالنشر،و إن كان فعلياً لا يوجد من ينتظرك بالعصا ليحاسبك، لكن هذا الخيال يزيد عندي الإحساس بالمسؤولية، و كأني اقول "اوه لم اقدم لهم اليوم وجبة من مقالاتي الشهية اللذيذة، الكل واقف في طابور ينتظرها، يجب ألا أتأخر على أبنائي القراء الجائعين!!"
اردد على نفسي كل صباح: "كل يوم يعني كل يوم! لا مجال للتراجع او الاستسلام"، هذا ما يسمونه بالـ affirmation و هي جمل توكيدية ايجابية يقولها الشخص لنفسه حتى يعزز او يغير من شيء ما في تفكيره، و قد ساعدتني كثيراً لأنها تذكرني بالكتابة كلما وقع الهاتف الجوال في يدي.
اقتبس الأفكار من كل شيء و اي شيء حولي، بالرغم من اني بدأت التحدي و في جعبتي اكثر من ١٢ مسودة في المدونة و ما يقارب ال ٢٠ فكرة في مفكرتي الصغيرة، الا اني لم استخدم منها سوى اثنتين فقط، و باقي الثمانية و ثلاثين تدوينة كانت وليدة اليوم و كتبتها في التو و اللحظة طازجة من مزرعة دماغي الذي يصطاد الأفكار و يترقبها في محيطه. فقد كنت اقتبس الأفكار من كتبي التي اقرأها يومياً، و بعضها اقتبسته من مدونات قرأتها و كنت اشير اليها في تدويناتي، و اقتبس من بعض الصديقات، و قمت أيضاً بالبحث عن افكار للكتابة المقترحة في بعض المدونات الصديقة مثل مقترحات يونس بن عمارة و دليلة رقاي و قائمة تحدي الكتابة لسارة الجريسي .
اكتب طوال الوقت و لا اهتم كثيراً بالتنسيق و الشكليات، بل اني نشرت بعض التدوينات بأخطاء املائية فادحة خصوصاً تلك التي كتبتها و انا شبه نائمة، و لكن كنت ارجع لها في اليوم التالي أنقحها و ارتبها و اعيد نشرها، فالخطأ في التدوين مغفور لأنك تستطيع التعديل "بمزاجك"، فالموقع ملكك و انت من تتحكم فيه، لذلك لم اسمح لشبح الكمال ان يسيطر علي اثناء الكتابة، توكلت على الله و تركت الجودة المطلقة "على جنب".
المقال هذا الذي كتبه يونس بن عمارة كان مشجعي، بالرغم من ان يونس لديه الكثير من المقالات عن الكتابة اليومية و الإستمرارية في الكتابة، الا ان هذا المقال كان المفضل بالنسبة لي، و قد عدت اليه اكثر من مرة اثناء التحدي لاشحن طاقتي الكتابية و اذكر نفسي انني استطيع.
ما الذي جنيته بعد ما انتهيت من التحدي؟
في الحقيقة اشتركت في التحدي لاكتسب عادة الكتابة اليومية و اتحدى نفسي بالمقام الأول، و لم يكن هدفي الرئيسي الجائزة، و كنت اقول لو حدث ظرفاً قاهراً منعني من التدوين ليوم واحد سوف أأسف على خسارة التحدي الذاتي الذي وضعته لنفسي، وفي النهاية فزت على نفسي و على الظروف و شعرت بشعور لا يوصف من السعادة و الانتصار!
الإنضمام الى مجتمع رديف من اجمل الهدايا التي اهديتها نفسي هذه السنة، و احببت انني وصلت اليه من الطريق الصعب و ليس كما اشتركت في السابق، فهذه ليست المرة الأولى لي في مجتمع رديف، كنت مشتركة لديهم قبل عامين، استفدت من اشتراكي الكثير، لهذا السبب عدت اليهم لأنني اعرف ما يقدمونه وكنت مستعدة ان أكرر التجربة، ما يميزه انك تحصل على مرشد او mentor مخصوص لك، ذو خبرة عالية و يتحاور معك و يحلل و يقرأ ما تكتب و يعطيك المعلومات و النصائح التي تناسب اهدافك و ما تريد ان تصل اليه، هذا المرشد هو يونس بن عمارة.
و كما يقول الكاتب عبدالعزيز ال رفده "بنيت قبيلتي" من الزملاء المدونين و المدونات في تويتر و كسبتهم كقراء لمدونتي، كنت طوال فترة التحدي اقرأ للكثير من المدونين لأشجع نفسي و استمر، و بطبيعتي لا اترك مكاناً قرأت فيه حرفاً الا و اكتب رأيي للكاتب، عزز ذلك الروابط بيني و بين المدونين و عرفني على الكثير منهم، غمروني بلطفهم و متابعتهم،و اعتقد اني بنيت قبيلة تدوينية أصيلة و فريدة من نوعها!
مهارة التقاط الأفكار من محيطي و من كل ما يستقبله دماغي خلال اليوم، سواء كان منظراً شاهدته او ذاكرة خطرت في بالي او موقف حصل لي، اعتقد ان هذا عزز عندي التركيز على ما حولي و الربط بين الأفكار لأكون مقالة مترابطة و متكاملة في مخي اولاً ثم انقلها على لوحة المفاتيح او "الكيبورد".
مهارة الكتابة السريعة و الرضا بما كتبت و ضغط زر النشر فور الانتهاء من الكتابة بدون تفكير، و هذه مهارة لا يستهان بها لأنها تدعوك الى نبذ حب الكمال كما ذكرت سابقاً !
تجربة تأليف و كتابة القصة القصيرة بسرعة، كتبت خلال التحدي قصتين قصيرتين، ألفتها و نشرتها في مدة لا تتجاوز الثلاث ساعات، كانت تجربة مسلية جداً و كنت مستمتعة اثناء الكتابة استمتاعاً لم اتوقعه، و اقتنعت انني يجب ان اخوض تجربة كتابة القصص.
هذا كل ما في جعبتي لهذا اليوم!
ماذا عنكم يا اصدقاء، هل انتم مستمرون في عادة ما؟
كيف هي علاقتكم مع الإستمرارية في حياتكم؟ هل يتمكن منكم "الملل" او "التسويف" و يعرقل بنائكم للعادات؟
شاركوني ارائكم و تعليقاتكم التي تسعدني و تبهجني كما تعلمون!
댓글