top of page
صورة الكاتببثينة اليوسف

ماذا يعني ان تسافر وحيداً مع أطفال اثناء جائحة كورونا؟ (مذكرات و مقترحات)


تخيل انك محبوس في غرفة و يقال لك ان هناك احتمال وجود عقرب سام شفاف يجول في الغرفة ذاتها و قد يهجم عليك من حيث لا تعلم و عليك ان تتأهب!!


هذا بالضبط ما أحسست به في مطلع شهر يوليو و انا في مقصورة الطائرة أنتظر إغلاق ابوابها، و كان عقربنا المرتقب لا يرى بالعين المجردة!


ما الذي دفعني الى خوض تلك التجربة؟ إليكم القصة:


في بداية شهر مارس أعلنت سفارات المملكة في دول العالم، و من ضمنها أستراليا، عن رحلات عودة لمواطنيها العالقين خارج الوطن بسبب الجائحة، إتصلت بالسفارة و أبلغتهم برغبتي في العودة، حيث كانت الأحداث متسارعة و خوفي إزداد الى حد الجنون ككل البشر على وجه البسيطة، و لكن كان هناك عائق وحيد يمنعني: ولادتي بعد إسبوعين!!

جائني الرد المنطقي من السفارة: تواصلي معنا حينما تكوني مستعدة، و هذا بالفعل ما حدث، تواصلنا معهم و تفاعلوا معنا جداً بالرغم من وجود بعض العوائق مثل تأخر إصدار شهادة ميلاد و تذكرة عبور طفلي منصور.

وقتها كانت الأوضاع متقلبة، في الرياض أعداد الإصابات تخطت حاجز الألف، و الأعداد في ملبورن تكاد ان تكون صفراً، أي قرار مجنون هذا الذي يجعلني اهرب الى مركز الوباء كفراشة العتة البلهاء؟


تخبطت في حيرة فظيعة، بين خوفي على اطفالي من التجمع في مكان صغير كالطائرة، و بين سماع نبرة الشوق في صوت أمي، و تعبي في الغربة مع طفل و مولود و اكتئاب و عزلة. ضميري و قلبي يقولان لي لا تبرحي غرفتكِ، و عقلي يقنعني ان الخوف لا يفيد لأن هذا الوباء مستمر، بعد العديد من المشاورات و الإتصالات، قررت السفر وحيدة مع طفليَّ!


كيف استعديت للسفر في ظروف الجائحة؟ بمعنى أصح، كيف لم استعد! هذه أول مرة أسافر مع طفلين لوحدي، و بالطبع هي أول مرة أسافر أثناء جائحة، إليك مجموعة من النصائح التي طبقت بعضها و لم أطبق جُلَّها لكنني تعلمت الدرس جيداً، هذه النصائح في الواقع هي مزيج من تجربتي و تجربة صديقتي أ.م. التي شاركتني إياها بكل لطف و سأسردها لكم على جزئين.


١.رحلة السفر بالطائرة


- النصيحة البديهية الأولى هي لا تسافر وحدك مع أطفال، لأن السيطرة عليهم ليست بهينة، وجود شخص اخر معك يساعدك و يجعل السفرة أهين و أكثر متعة.



- الطعام في الطائرة -بسبب الظروف الحالية- كسيفُ الحالِ شحيحاً. كانت الرحلة ١٤ ساعة مباشرة من سيدني الى الرياض، أول وجبة كانت معلب تونة قودي بالخلطة الشامية و كان طعمه مثل حشوة المحاشي التي تفرزنها أمك لتستخدمها في رمضان، بعدها يقدمون لنا تقريباً كل أربع ساعات مغلف فيه معجنات ناشفة كقطعة خشب و معلب عصير المراعي بالبرتقال، لذا في رحلتك القادمة أملأ بطنك بطعام مطهو قبل صعودك على متن الطائرة و أحمل معك وجبتين مشبعتين لك و لأطفالك.


- تسلح بالمعقمات و المناديل و الكمامات، لا تخلع كمامتك طوال الرحلة، صديقتي أ.م. اقترحت استخدام قناع الوجه البلاستيكي بدلاً من الكمامة للأطفال و أعتقد انه خيار أفضل. سيكون من الصعب التحكم بلبس الكمامة و التعقيم للأطفال لذلك أنصحك أن تقرأ عليهم المعوذات و تستودع صحتهم عند رب العالمين. و بالمناسبة فإن خطوط الطيران سيغرقونك بالمعقمات و القفازات و الكمامات، لذا ان نسيتها فلا تقلق كثيراً.


- حاول أن تسترخي و لا تفكر كثيراً بما يحيط بك، ضع أعصابك في ثلاجة روحك و حاول ألا تفكر في ذلك الصبي الذي يسعل خلفك و لا ذاك الشيخ الذي يعطس عن يمينك، و لا تتوتر إذا بدأ احد أطفالك بالسعال أو العطاس مثلما حدث مع دانة في الطائرة، جائتنا نظرات ثاقبة و هي تسعل و خلت أنهم سيرموننا في الهواء الطلق أنا و طفلتي، و لكن لا يوجد مفر يجب علينا جميعاً أن نتحمل قرار السفر في هذا الوقت.


- بناءاً على النصيحة الرابعة، ربما من الذكاء أن لا تنسى إحضار أدوية مضادة للهستامين إذا كنت انت او أحد أطفالك يعاني من الحساسية.


- تجنباً للمس الأسطح التي تتعرض لكثرة اللمس، أنصح أن تجهز وسائل تسلية لطفلك أكثر من المعتاد، و إذا كان طفلاً صغيراً لا يقاوم الشاشة الموجودة أمامه أحضر معك جهاز أيباد محمل بالألعاب و الأفلام المسلية له، و إذا لم يتوفر لديك الجهاز أحضر سماعتك الخاصة لإستخدامها مع شاشة الطائرة و مناديل أو بخاخ معقم لتنظيف سطح الشاشة، لا أعلم يقيناً هل تعقيم الشاشات تلك يخربها أم لا، إذا تم منعك من مسح الشاشة يمكنك أستخدام القفازات لكن تذكر انها لا تمنع ال cross-contamination.


- لا تنسى أغطية النوم للأطفال و لنفسك إذا كان عندك مساحة كافية في حقيبتك المحمولة على الطائرة.



- لا تخجل من طلب المساعدة حتى مع تفعيل التباعد الإجتماعي لأن أغلب الناس سيهبون لمساعدتك، كنت في ورطة أثناء التفتيش لأنني اضطررت أن أنزع حمالة الأطفال التي كنت أحمل منصور فيها و أضعها في التفتيش، و لأنني لست بأخطبوط كان ذلك مستحيلاً بدون مساعدة شخص آخر، قامت موظفة التفتيش بحمل طفلي بكل لطف حتى انتهيت من ترتيب أغراضي، كان الوضع غير مريح نفسياً و لكن تذكر انه لا يمكنك فعل كل شيء لوحدك و توكل على الله.


- أحضر معك قلمك الخاص لتعبئة الأوراق اللازمة التي تحتاجها لدخول الدولة التي تريد زيارتها، لأن مضيفي الطيران ذكروا انه لا يوجد أقلام بسبب الظروف الحالية. القلم مهم جداً لا تنسى القلم :)


- لا تتوقع وجود فرق طبية تنتظرك في مطار الوصول لفحصك أو تكبيلك بالأصفاد لأنك موبوء، و لا تجهد نفسك بالبحث عنهم كما فعلت أنا!! إحمل حقيبتك و غير كمامتك و إركب أوبرك و إنطلق لمقر عزلك.


مابعد الطائرة

- قبل سفرك جهز مقر عزلك جيداً، اختر فندقاً مناسباً لإحتياجات أطفالك، أو جهز منزلك بوسائل ترفيهية لأن ١٤ يوماً ليست كالـ ١٤ ساعة كما تعلم.


- إذا كنت عائداً للوطن أو الى مقر دراستك أو عملك في الخارج فكن مستعداً دائما للحجر المنزلي و تأثيره على نفسك و أطفالك، من واقع تجربة أ.م. كان التواصل مع أخصائي نفسي هو المعين لها و لأطفالها، في الظروف الحالية الإكتئاب ليس ببعيد عنك و لا عن أطفالك، قد تواجه تغيرات في سلوكيات الأطفال تذهلك و تزيد من الضغط النفسي عليك، لذا لا تتردد في طلب المساعدة. في رحلتي هذه طفلتي فقدت الكثير من وزنها و تغيرت سلوكياً بشكل أقلقني، كما أن أ.م. لاحظت الأرق على طفلها ذو الثمان سنوات و ظهور التأتأة على طفلها ذو الأربع سنوات، مراجعة الطبيب النفسي ساعدها كثيراً على إتخاذ القرار الأنسب لأسرتها الصغيرة. و تقترح أ.م. ممارسة التأملات الصباحية مع المدرب رائد الدوسري و تمارين التنفس و تدوين المشاعر لتخفيف التوتر لدى لأطفال.


- إن كانت سفرتك للسياحة أو العبادة، فهنيئاً لك! حاول الإستمتاع بكل جوارحك و دعك من نصيحتي السابقة.



قبل أن أنهي هذه التدوينة، أقدم جزيل شكري و إمتناني لصديقتي سارة التي شجعتني على السفر و تخطي مخاوفي، و لصديقتي الرائعة أ.م. التي شاركتني تجربتها و سمحت لي بنشرها.






١٣٥ مشاهدة٠ تعليق

댓글


أحدث المقالات

للاشترك في النشرة البريدية

للإشترك في النشرة البريدية

bottom of page