قررت في بداية ٢٠٢١ أن اعود للكلاسيكيات و أقرأ الروايات و الكتب الشهيرة التي أعرف قصصها و لكن لم أقرأها في حياتي. هذه هي الكتب التي وقع اختياري عليها في الربع الأول من هذه السنة.
الغريب لألبير كامو
قصة غريبة كإسمها، بطل القصة حيرني كثيراً، كنت أعتقد أنه مصاب بإكتئاب شديد و انه لا يبالي بشيء و لكن اتضح ان هذه فلسفة لدى الكاتب يطلق عليها اسم فلسفة العبثية!
لا أريد أن اعطي تفاصيل كثيرة عن الرواية حتى لا أحرقها، هي قصة عن رجل يفقد والدته في بداية القصة و لا يظهر أي مشاعر تجاه الحدث الجلل هذا، ثم تتوالى الأحداث و تعظم و تكبر لكن مشاعره تجاهها و تصرفاته غريبة، حتى مشاعري أثناء القراءة احسست انها تشبعت بمشاعر البطل و صرت أفكر "و ماذا يعني ان تموت والدته؟ فعلا ماذا يعني أن يحدث كذا و كذا؟"، أو كما نقول بالعامية "طيب و بعدين؟ و اذا صار؟ so what؟"، الرواية تعتبر قصيرة جدا و مناسبة لمن يريد أن يتعرف على المبدأ الفلسفي العبثي المثير للإهتمام.
الزوجة الخائنة لألبير كامو
قصة قصيرة مجموعة مع رواية الغريب في نفس الكتاب، هذه القصة قرأتها مرتين! تحكي عن سيدة متزوجة تذهب مع زوجها في رحلة لمدينة مجاورة من أجل عمله، زوجة مهملة من زوجها و لا يوجد في حياتها اي هدف، تنسل في ليلة من الليالي لتصعد للسطح و تشاهد النجوم، هذا كان الحدث المفصلي في القصة، هل كان المشهد مجرد مراقبة النجوم أم خيانة؟ الوصف كان فيه الكثير من البلاغة و الجمال و الحيرة، أعجبتني أكثر من رواية الغريب.
هناك تفسير لقصة الزوجة الخائنة أنها تعبر عن كامو نفسه حينما إكتشف الجزائر، حيث ان كامو كاتب فرنسي جزائري و يؤخذ عليه انه يظهر الجانب العربي في قصصه بطريقة تشوبها العنصرية و التحيز ضدهم، تجدون المقالة هنا .
صاحب الظل الطويل
أغلب مواليد الثمانينات و بداية التسعينات يعرفون من هي جودي أبوت، تلك المراهقة اللطيفة ذات الجديلتين المنتصبتين البرتقاليتيين و الأطراف الطويلة، المسلسل الكارتوني صاحب الظل الطويل كان جزءاً من طفولتنا، يحكي قصة جودي اليتيمة التي كانت تعيش في ميتم و في أخر سنة لها يأتي شخص مجهول و يتبنى مسيرتها الدراسية، دعمها مادياً لدراسة الكلية مع شرط وحيد و هو أن تكتب له رسائل تخبره بتقدمها الدراسي، و لكن جودي لم تكتفِ بذكر تقدمها الدراسي فقط، كانت تكتب لذلك المجهول كل شيء عن حياتها الجديدة بالتفصيل و برسومات طفولية لطيفة، ذلك المجهول الذي أطلقت عليه لقب صاحب الظل الطويل لأنها لم ترى منه سوى ظله الذي إرتسم على الجدار حتى وصل الى السقف.
أثناء قراءة للرواية، شاهدت بضع حلقات من المسلسل الكارتوني لأنعش ذاكرتي، شخصية جودي في المسلسل تختلف قليلاً عما هي عليه في الرواية، فهي خرقاء أكثر من اللازم و مضحكة أيضاً، لديها حس دعابة قوي و لا تنحرج من قول رأيها في ما يدور حولها، شعورها بالنقص من حياتها السابقة في الميتم يلعب دوراً كبيراً في أحداث المسلسل و الأمر ليس كذلك في الرواية. أعتقد أن روح الأنمي اليابانية طغت على المسلسل أكثر من روح الرواية نفسها.
في الرواية جودي كانت دمثة الخلق و لطيفة، مجتهدة و مثابرة، ذكرتني قليلاً بشخصية فورست غمب التي مثّلها توم هانكس، حيث أن جودي و فورست كلاهما يمتلكان الموهبة لكن لا يعرفان انهما يمتلكانها، روحهم جميلة لكن لا يعرفون ذلك.
جودي كان لديها ملكة الكتابة و يظهر ذلك جلياً في رسائلها، كانت الرسائل ممتعة و ظريفة فهي تذكر احداث يومها تارة و تكتب عن فلسفتها في الحياة تارة اخرى، أكثر ما أعجبني هو حديثها عن السعادة و فلسفتها التي توصلت اليها في العشرينات من القرن الماضي و هي تقريباً مشابهة لما يروج له حالياً عن السعادة
"ليست المتع الكبيرة الهائلة هي التي تهم، بل صنع الكثير من متع صغيرة. لقد اكتشفت السر الحقيقي للسعادة يا عزيزي، و يكمن هذا في ان تعيش اللحظة. و ألا تتحسر على الماضي على الدوام، أو تفكر في المستقبل، بل ان تحصل على أكبر قدر من هذه اللحظة"
ألا يبدو ذلك مألوفاً؟
لغة الترجمة جميلة جداً، ترجمتها بثينة الإبراهيم بطريقة متقنة و كنت عندما قرأتها متعطشة لقراءة ترجمة جيدة لأنني لم أوفق في تراجم تعجبني مؤخراً، و أيضاً المقدمة التي كتبتها عن جين ويبستر كانت مثرية.
الرواية لطيفة جداً، من المؤكد أنني سأقترح على طفليّ قرائتها في سن المراهقة.
١٠٠ عام من العزلة
رواية غنية عن التعريف، افتتحنا بها نادي القراءة المكون من شخصين فقط: انا و صديقتي نور!
الرواية تتحدث عن قرية ماكوندو التي انشأها مجموعة من المهاجرين، تركز الرواية على أهم شخصية و هي خوسيه اركاديو بوينديا قائد المهاجرين، تحكي عن حياته و أبنائه و الأجيال التالية من أحفاده.
لم نستطع أنا و صديقتي أن نكمل الرواية!
ما دفعني الى تركها:
- كثرة الأسماء المتشابهة، مع أنني كنت اتبع شجرة العائلة الموجودة في مقدمة الكتاب، و أيضاً بحثت عن شجرة عائلة بوينديا بتفاصيل اكثر لكن ذلك كان مشتتاً.
- تضارب بعض الأحداث مع الحقائق المذكورة في القصة، ربما لسبب ما لم افهمها!
- الأحداث تسرد سرداً بدون التدقيق على مشاعر الأبطال، قلت لصديقتي أنني أحس كأني أشاهد فيلماً من خلال كاميرا CCTV بدلاً من فيلم سينمائي مصور close-up.
- كنت اتبع نصيحة القراءة الأزلية "اذا لم يعجبك كتاب اتركه و انتقل للكتاب الذي يليه". اعطيته فرصة و قرأت ربع الكتاب تقريبا ثم توقفت، مع خالص الإعتذار لغابرييل غارسيا ماركيز، أعدك أنني سأجرب كتاباً آخر لك و لن أستسلم.
ربما رواية مئة عام من العزلة هي أولى خيبات أملي في هذه السنة!
ماذا قرأتم في أول ثلاثة أشهر من ٢٠٢١؟ شاركوني في التعليقات، و اذا أعجبكم محتوى المدونة اشتركوا هنا ليصلكم كل جديد عن طريق البريد الإلكتروني.
Comments