اهلا يا رفاقي المهتمين بالفلسفة!
لا اعتقد انكم كثر، لنرى الى اي عدد سيصل عداد قراءة المقالة لنعرف هذه المعلومة!
الفلسفة من غير اهل الفلسفة ليست جرم يدان عليه العامة، معاذ الله ان نصل الى الهرطقة و لكن القليل من الفلسفة و اطلاق بعض الحكم المخزونة في خن الحكمة المتقوقع في مؤخرة دماغك هو فعل لا بأس به على الإطلاق، بل إنني احبذه ليعود عليك بالفائدة لأنه تدريب عقلي على التحليل و مجابهة الحياة و مصاعبها بشيء من العمق المزيف الممزوج بالظرافة اذا كان لديك حس الظرافة اساساً!
و الان بعدما فسرت و بررت لنفسي و لكل من هم على شاكلتي ممن يحبون ان يعتمروا القلنسوة الأفلاطونية و يطلقون العنان للحكمة ان تأخذ مجراها في عقولهم و على ألسنتهم بغير ذي علم مسبق، سأقول لكم ما هو المقصد من هذا كله!
احب بين الفينة و الأخرى ان اتبحر و اتأمل الحياة- على عجالة طبعاً و بين مهامي اليومية لأنه لا احد لديه الوقت لهذه الترهات- و استخرج الحكمة من اعماقي و استشعر نعومة لفائف دماغي الدافئ الذي ينتظرني بكل صبر ان اعطيه القليل من الإنتباه و اركز معه حتى ينضح بما عنده من افكار و كلمات مصفوفة التي يدعي و يقول لي و هو يخرج لي لسانه (نعم دماغي له لسان خاص به و لا استطيع التحكم به) انها حكم فتاكة لا يشق لها غبار، هل تودون ان اشارككم بعضها؟
الحكم البثينية
بطبيعة الحال و بما اني اكتب في المدونة، سأضع هذه الحكم في نقاط حتى لا تملون القراءة المطولة، فحتى مقالاتي المتحذلقة يجب ان تتوافق مع قواعد الكتابة التي اتبعها لأجذب انتباه القارئ الى اخر رمق من المقالة!
هل زلت اصابعي و ذكرت سراً من اسرار كتابتي؟ عليكم بالعافية، هذه معلومة توزع ببلاش في كل مكان يتحدث عن كتابة المحتوى!
كفاني استطراداً، و لنبدأ:
لا اقتصاد في العلم و لا اقتصاد في النظافة
هذه الحكمة واضحة و لا تحتاج الى تفسير و يمكنك ان تنتقل الى الحكمة رقم ٢ اذا كنت على عجالة، و لكن اذا كان لديك الكثير من الوقت بين يديك، فصبراً ، لأني اولاً اود ان اغبطك على هذا الوقت الذي أتمناه، و من ثم ادعوك ان تقرأ التفسير الذي يجابه مقولة "فسر الماء بعد جهد بالماءِ".
حكمة لا اقتصاد في العلم و لا اقتصاد في النظافة تبرعمت تدريجياً مع الحياة، لم اكن طوال حياتي شغوفة بالتنظيف مثلاً، كنت مراهقة ارمي كل ملابسي على الكرسي الصغير الموجود بجانب سريري، الكرسي الذي فقد وظيفته ككرسي منذ اول يوم توظف فيه في غرفتي البرتقالية (نعم صبغت غرفتي بنفسي و انا مراهقة بلون برتقالي بشع و كنت اصاب بالصداع كل ليلة و مع ذلك لم اغيره حتى انتقلت من بيت اهلي الى بيتي الزوجي!).
مع مرور الزمن و طحن الحياة في الغربة بدون رفاهية وجود عاملة تساعد في التنظيف و الترتيب، اصبحت اتفنن و استخدم شتى الطرق لجعل ما حولي نظيف بأقل الجهود الممكنة، و اكتشفت ان افضل طريقة للحفاظ على كل شيء نظيف، بداية بجسدك الى مدخل باب بيتك، هو الا تبخل ابداً على هذه الأماكن و الأشياء بالنظافة، لا تقتصد فيها ابدا، كلما سنحت لك الفرصة ان تنظف ارجوك نظف!
ما الذي تقتضيه هذه الحكمة؟ ان تضع في كل مكان ادوات تنظيف يسهل الوصول اليها و يمكنك المسح و الجلي و الكنس في اي لحظة و اي وقت.
هل انت الان تمسح الأرض؟ و امامك أريكة تشعر ان تحتها أكوام مكومة من الغبار و لفيفات الشعر و "حتاحيت" الخبز و الأكل الذي تأكله يومياً على هذه الأريكة المسكينة؟ ارجوك لا تعطها ظهرك و تكمل التنظيف من الجهة الأخرى، لماذا كل هذا الإقتصاد في النظافة؟ اسحب الأريكة و اكنس ما تحتها بسرعة ثم اعدها الى مكانها، فهذا سيعطيك حصانة مؤقتة ضد الحشرات و النمل الذي قد تراه يحوم حول صحنك و انت تأكل على الأريكة في المرات القادمة.
ماذا عن الإقتصاد في العلم؟ كل ما ذكرته عن الإقتصاد في النظافة ينطبق على العلم، و لكن الفرق هنا انه يجب عليك الا تدع غبارة علم تمر من امامك بدون ان "تلتهمها"، لا تقتصد في القراءة، لا تقتصد في الدورات ، لا تقتصد في الشهادات، لا تقتصد في مصادر التعليم، ضع جل إمكاناتك لتصعد بهذا العقل القابع بين اذنيك الى مصاف العقول، لا تبخل عليه بالمال و لا بالجهد و لا بالوقت، لماذا كل هذا الإهتمام به؟ لأنه هو العضو الذي يميزك عن باقي العالمين و يجعلك أعلى بخطوة واحدة من تشات جي بي تي و من على شاكلته!
اذا خاضت يدك في الماء، أكمل الخوض
هذه الحكمة تعبر عن الإستمرارية و الكفاح و عدم الإستسلام للتسويف.
من أين استلهمتها؟ من غسيل المواعين! لا أعلم لماذا حكمي دائما تحوم حول التنظيف و لكن اعتقد انها مصادفة بحتة.
عندما تأخذ صحنك الى المطبخ لوضعه في "المجلى" بعدما اكلت فيه وجبة شهية من الشوفان الذي يلتصق كالصلصال اليابس في قعر الصحن، تصب عليه الماء و تتركه هناك، قد تتركه يوم او يومين ثم تغسله اذا كان ذلك الصحن محظوظاً، و قد تتركه اكثر من ذلك لأن درج المطبخ مليء بالصحون النظيفة التي يمكنك استخدامها و من ثم تكومها بجانب صحن الشوفان المسكين الذي تحول الى اللون الأخضر بعدما كان ناصع البياض.
هل تذكرك هذه الصحون بخططك و حياتك المليئة بالمهام النصف منجزة و إكمالها مسوف الى اجل غير مسمى؟؟
حكمة "اذا خاضت يدك في الماء، اكمل الخوض" تعني انه اذا ادخلت الصحن تحت الماء و لامس الماء يديك، ما الضير في ان تمسك الإسفنجة و تتم غسيل الصحن بعناية و تضعه في مكانه الصحيح؟ و قس على ذلك مهام حياتك وخططها، اذا بدأت بكتابة مقالة مثلا لماذا تتركها و لا تعود إليها؟ مالذي يجعلك تتململ؟ أكملها اذا كان لديك الوقت و الطاقة و الظروف كلها مهيئة لإتمامها، لأنه اذا تركتها الان، تيقن انه سيكون الرجوع اليها اصعب، اذا خضت في الكتابة أكمل الخوض حتى تنتهي!
هذا ليس كل مافي جعبتي عن حكمي الفذلكية، أود ان اكتب اكثر و لكن الوقت يداهمني، الساعة الآن الحادية عشر و النصف بتوقيت لندن، و انا مشتركة في تحدي رديف الذي يقتضي ان انشر كل يوم مقالة، و هأنا الآن سأركض مثل الساندريلا قبل ان تدق الساعة الثانية عشر لأنشر مقالتي هذه التي كتبتها على عجالة و لم تسنح لي الفرصة ان اقرأها او ادققها لغوياً.
سامحوني يا من قرأتم هذه المقالة، و اشكركم انكم وصلتم خط النهاية الذي قد تصادفون فيه حذائي الساندريللي!
Comments