ذهبت يوماً بعد الشغل مع أطفالي الى مركز ألعاب، كانت دانة في قمة حماسها، خلعت نعليها و ركضت للألعاب، منصور كان يتأمل المكان بعينين يملئهما الفضول، لمن لا يعرف منصور فهو شخص مرح و ككل الأطفال في عمره يحب اللعب الحركي جداً و التحدي الجسدي، يتسلق الدرج و يتشعبط على ظهري و يمتطي الأثاث و يلاحق القطط و يقفز على السرير. قررت أن آخذه لمكان فيه ألعاب حركية و تسلق مناسب لعمره، او ما يسمونه soft play area في مركز جوي زون.
في البداية دخلت معه الى منطقة الألعاب اللينة، كان يستكشف المكان و يحبو بهدوء، اخذني الحماس و وضعته في حوض الكرات الصغيرة، و ليتني لم أفعل! بدأ بالصراخ و البكاء، تعلق في رقبتي و رفض النزول، عبثاً أحاول أن اهدئه لكن بلا جدوى، لماذا يا ترى يحب طفلي اللعب و ينفر و يخاف من الألعاب؟
أعتقد أنه كان يشعر بالـ overstimulation او تحفيز زائد، و هو أن يكون الطفل في تجربة جديدة أو في محيط يستثير حواسه بشكل مفرط يفوق قدرته على التحمل، قد يحدث مثلاً عندما يذهب طفلك معك الى حفلة أطفال فيستقبل بحواسه الصغيرة الكثير من المنبهات مثل الألعاب و الأغاني و كثرة الأطفال و السلام على عدد كبير من الراشدين، و هذا يفسر لمَ طفلك هاديء و سعيد في البيت و يبكي اذا ذهب للحفلات.*
هذا لا يقتصر على الأطفال الصغار جداً، قد يحصل أيضاً للأطفال في سن المدرسة و ما قبلها، اذا خرجوا من المدرسة الى درس الموسيقى ثم درس السباحة مثلاً.
ما العلامات التي تظهر على الطفل عندما يحدث ذلك؟
- الإرهاق أو التعب.
- النكد او "الزن" باللهجة العامية.
- نوبات غضب و بكاء.
- يرفض أن يكمل ما كان يفعله.
- يرفض فعل أشياء بسيطة مثل لبس حذاءه.
بالأضافة للمذكور أعلاه، هناك علامات إضافية تظهر عند الأطفال في سن المدرسة:
- قد يحتاج مساعدة أكبر في حل الواجبات او المذاكرة.
-تكثر التصرفات خرقاء، كأن يسكب الماء بدون قصد، يتعثر أثناء المشي و غيرها.
- يحاول أثارة الإنتباه أكثر من المعتاد.
- يرفض الأكل أو "ينكد" أثناء إختيار الطعام.
- يقل تعاونه معك عندما تطلب منه ذلك.
ما هو الحل مع زيادة إستثارة (overstimulation) الأطفال؟
حلها هو الموازنة ما بين أوقات الأنشطة و الهدوء، وقت هدوء يكون في بيئة مألوفة للطفل و بروتين مناسب له.
مثلا:
عندما تظهر هذه العلامات على طفلك الرضيع، احمله الى مكان اقل صخباً او ضعه في العربية مع تغطيتها لتخفيف الإضاءة و التقليل الأصوات.
اذا كان طفلك أكبر قليلاً، حافظ على هدوئك أنت أولاً ثم قلل المشتتات المحيطة به، مثلا إغلق التلفاز.
خذ طفلك الى مكان هاديء أو احضنه و دعه يجلس في حضنك حتى يهدأ و يطمئن، تحدث معه و ساعده أن يفهم مشاعره التي يمر بها، كأن تقول "أتفهم أنك متعب قليلاً الأن".
تشاركوا نشاط هاديء سوياً مثل أن تقرأ له قصة أو تغني له تهويدة أو ببساطة تمسد شعره او تقول له حكاية ممتعة من طفولتك و هذا ما تفضل سماعه طفلتي دانة.
اذا كان طفلك متعب و هو يقوم مثلاً بحل الواجب و لا يريد أن يكمله، اعرض عليه أن يكمله بعد هذا الفاصل من الراحة و ساعده فيه.
من الممكن أن تشارك طفلك جلسة تأمل مخصصة للأطفال، أنا أستخدم مع دانة جلسات الأطفال في تطبيق smiling mind.
حاول ألا تضغط على طفلك بكثرة الأنشطة أو قلة وقت الراحة، إذا كنت على علم بأنك ستخرج اليوم مع طفلك لحفلة أطفال، إستعد بأن تجعل طفلك يأخذ كفايته من القيلولة، يأكل جيداً و أن تضع في حسبانك ألا تجلس في جو صاخب لفترة طويلة.
حسناً، كيف حليت مشكلتي مع منصور الباكي؟
أخذته لعربيته،طلبت من المركز أن يخفض صوت الموسيقى، لاحظت انه كان جائعاً فأطعمته، حملته في حضني حتى تململ و حاول أن ينزل للأرض ليحبو، درت به بين الألعاب لبضع دقائق ثم خرجنا الى المنزل. خطأي أنني أخذتهم بعد الحضانة، لا أعتقد أني سأكرره.
هذا ما كان في جعبتي اليوم، شاركوه مع من تعتقدون أنها ستفيده، و اشتركوا في القائمة البريدية أسفل الصفحة حتى يصلكم جديد المدونة.
*جميع المعلومات من موقع raising children و هو موقع يعنى بالتربية و الوالدية، معتمد من الحكومة الأسترالية، إدارة الخدمات الإجتماعية، فيه الكثير من المعلومات الموثوقة، أنصح به.
**هذه تدوينة مشاركة ضمن مبادرة مرجع التدوين العربي لتدوين أفكار تأملية لمدة عشرة أيام، هل سأستمر؟ أتمنى ذلك، هل الأماني كلها تتحقق؟ليس بالضرورة لذا لا تنسوني من دعواتكم أن "أصمل".
Σχόλια