top of page
  • صورة الكاتببثينة اليوسف

لماذا احتفل مع ساعتي لوحدي في ليلة رأس السنة؟


سنة سعيدة على كل من يجلس الان في غرفة الجلوس متدثراً ببطانية وثيرة و يقرأ هذه التدوينة، و سنة سعيدة كذلك على من هم في الخارج "يهجولون" و يحتفلون و يصارعون الزحام في سبيل مشاهدة الألعاب النارية و العد التنازلي لإستضافة ست الحسن و الدلال "٢٠٢٤"!


اكتب لكم الان قبل سويعات من تغيير التاريخ السنوي الى ٢٠٢٤، و الذي لن يغير اي شيء في حياتي سوى انني سوف انسى كثيراً ان اكتب الرقم الجديد و سأستمر بكتابة ٢٠٢٣ لأول شهرين من السنة كعادتي، و سأحتاج للكثير من التصحيح و التذكير ان انتقل مع البشرية الى العام الجديد!


أنا الان انتمي للفريق الأول الذي يحتفل بصمت لوحده في غرفة الجلوس، ما افعله هو اني عند اقتراب الساعة من ال ١٢ افتح هاتفي المتنقل و انظر الى الساعة و اراقب تغير التاريخ فيها، يعطيني هذا شعوراً بأنني لست وحدي و ان ساعتي الحبيبة احتفلت معي، أليس الوقت و التاريخ هما اهم ما يتغير في السنة الجديدة؟ لذا من المنطقي ان احتفل مع الساعة.


أجلس و اكتب هذه التدوينة و انا أحتسي كوباً ساخناً من القهوة منزوعة الكافيين مع الحليب و طفلّي نائمين على الكنبة أمامي، لم أعبأ اليوم بأخذهم الى أسرتهم، لأني قررت ان اكون رائقة البال و ادعهم يفعلون ما يحلوا لهم حتى يناموا و ذلك على سبيل التغيير و الاحتفال بالسنة الجديدة. في هذه الأثناء قرأت لي دانة جزء من كتابها الذي تقرأه الان و منصور بجانبنا يخربش على كتاب سبايدرمان و يرسم ديدان و افاعي و سيارة سريعة، لا أعلم ماهو الرابط بين كل هذه الأشياء و بين سبايدرمان، و لكن الفن فن و لا يمكن تفسيره! بعدها سمعوا في الخارج اصوات ألعاب نارية، و بالمناسبة كانت الساعة الثامنة ليلاً و لا ادري من كان يشعل تلك الألعاب النارية قبل ٤ ساعات من موعدها، لكن أطفالي تقافزوا فرحاً و اخذوا يطوفون بين شبابيك البيت في محاولة لإختلاس النظر لعلهم يرون قبس من تلك الألعاب، و لكن لم يصلنا سوى صوتها، خيبة أملهم لم تدم طويلاً لأن النعاس غلبهم و ناموا على الفور.

 

خلال السنوات المنصرمة، بطبيعة الحال لم اكن احتفل بليلة رأس السنة، فهي شيء غير متعارف عليه في محيطي و لا احد يلقي له بالاً من الأساس، و لكن مع مرور الوقت صار الإحتفال يتداول بين الناس و بدأنا نشاهده في التلفاز و نعد و "نهيص" مشاعرياً بدون احتفال فعلي، و لكن ما كان مغري بالنسبة لي هو ما كنت اراه في احتفالات مدينة دبي، بالأخص برج خليفة و الشاشات التي يعرضون عليها العد التنازلي و الألعاب النارية الرهيبة التي تزغلل العيون و تصم الآذان، كنت دائماً اتسائل هل سأتمكن يوماً من مشاهدة ذلك المشهد بأم عيني؟ و قد فعلتها و ليتني لم افعل!!

 

صدماتي النفسية من احتفالات ليلة رأس السنة

قد يكون وصف تجاربي مع احتفالات رأس السنة بأنها صدمة نفسية فيها نوع من المبالغة، و لكن اعتقد انها سبب كبير في رفضي القوي ان اعتب باب البيت في يوم ٣١ ديسمبر بعد الساعة السابعة مساءاً!

رحلة دبي

في ليلة رأس سنة ٢٠١٥ ذهبت انا و زوجي الى دبي في رحلة توقف مدة يوم واحد لحضور الإحتفال و بعدها نستقل الطائرة متجهين الى استراليا، خرجنا من المطار بكل سعادة و توجهنا الى منطقة برج خليفة، كان الزحام شديداً و لكن متقبل نوعاً ما، حاولنا البحث عن طاولة في المطاعم المطلة علي البرج حتى نشاهد العرض براحة و لكن كل شيء كان محجوزاً بالطبع، لذا قررنا ان نخوض مع الخائضين في الساحة المقابلة للبرج.

مع اقتراب الساعة ال ١٢ بدأ الزحام يزيد و يزيد، البشر فوق بعضهم البعض متكومين على الأرصفة، و الوصول الى المنطقة الخارجية المقابلة للبرج تحتاج الى كفاح و صراع، و هذا بالطبع ما فعلناه، و عندما وصلنا الى الساحة التي لم تعد ساحة بل كانت بحر و امواج تتلاطم من الكائنات البشرية، وقفنا امام البرج بعدما عانينا الأمرَّين حتى نحصل على موقع مناسب لمشاهدة الألعاب النارية، ما إن بدأ العد التنازلي اكتشفنا اننا لا نرى الا جزء يسير من العرض على البرج و باقي العرض كان من الجهة الأخرى للبرج!!!!


الألعاب النارية كانت صاخبة جداً و لم استمتع بها ابداً بالرغم من جمال المنظر و الإضاءة، المشكلة و الصدمة لم تكن بسبب ذلك كله، بل الصدمة اتت بعد انتهاء العرض، صارعنا الحشود و وصلنا الى الشارع العام نبحث عن سيارة أجرة او محطة مترو لتقلنا الى المطار، وجدنا ان المترو كان متوقف عن العمل في ذلك الوقت المتأخر، و سيارات الأجرة شحيحة و لم نجد أي منها بدون ركاب، لم نجد موقف لهم او محطة، و كلما مرت سيارة أجرة بجانبنا هرع لها كل البشر المساكين الواقفين حولنا و الباحثين مثلنا عن وسيلة نقل تنقلهم الى وجهاتهم. كانت الساعة الثالثة ليلاً و كنا قلقين ان "نفوت" رحلة الطائرة التي تنتظرنا في المطار، و الوضع من حولنا لا يبشر بخير و لا يوجد أي امل ان نجد ما ينقلنا الى المطار، مشينا على غير هدى الى ان وصلنا الى شارع لا اذكر اسمه و وجدنا برحمة من الله سيارة أجرة اقلتنا الى المطار و لحقنا الرحلة!

كانت تجربة مرهقة جسدياً و نفسياً، كل الإستمتاع المتوقع تبخر بسبب الفوضى التي حصلت بعدها، و قررت ألا اكرر هذه التجربة مرة ثانية، و لكن هل يلدغ المرء من الجحر مرتين؟ نعم! انا لدغت من نفس الجحر مرتان!! فقد فعلتها للمرة الثانية و ليتني لم افعل!


رحلة ابوظبي

في رأس سنة ٢٠١٧ سافرت مع مجموعة من الأهل و الصديقات الى أبوظبي لحضور حفل غنائي لفرقة Coldplay و الذي يتزامن مع اخر يوم في السنة و سيكون فيه عد تنازلي و احتفال مع الفرقة اثناء ادائهم على المسرح، كان العرض جميلاً و استمتعنا به كثيراً! و بعد العد التنازلي قلت لمن معي ان نهرع الى البوابات قبل انتهاء العرض حتى نلحق الرجوع الى الفندق قبل الزحام، خرجنا و اكتشفنا مرة اخرى شح سيارات الأجرة، وقفنا لساعات في الإنتظار في طابور طويل كالأفاعي التي يرسمها منصور على كتاب سبايدرمان، و عندما وجدنا سيارة اجرة رفض ان يأخذنا جميعاً في سيارته، فركب اربعة اشخاص من مجموعتنا و بقيت انا و اخي نصول و نجول الى ساعات الصباح الأولى، و حولنا الكثير من الناس في نفس وضعنا، و اثناء مشينا تعرفنا على مجموعة لطيفة من الفلبين و تبادلنا الأرقام و تواعدنا ان ننقذ بعض اذا وجد احدنا سيارة اجرة قبل الاخر، عندما وجدنا سيارة أجرة شاغرة ركضت انا و اخي اليها بشكل يدعو الى الضحك، قفزنا بداخلها و اغلقنا الأبواب، جاءت فتاة تحاول ان تفتح الباب و تقول انها تستحق ان تستقل سيارة الأجرة اكثر منا!! و انه يجب علينا ان ننزل الان و نترك السيارة لها، سألنا السائق اذا كانت قد حجزت السيارة، و اجاب بالنفي، فتحت الشباك و سألتها كم عددكم فقالت انهم اكثر من ٤ اشخاص، رفض السائق ان يقلهم معنا ثم انطلق، كلمت المجموعة التي اتفقنا معهم و اخذناهم معنا في الرحلة، وصلنا الى الفندق بعد شروق الشمس، نمنا و فاتتنا رحلة العودة الى الرياض بدقائق قليلة!!! و اضطررنا ان نحجز رحلة اخرى و تكبدنا خسائر مادية بسبب ذلك!

هل تستاهل رأس السنة ذلك كله؟بالطبع لا، فأنا من بعد هاتين التجربتين تبت توبة نصوحاً لا رجعة فيها عن الإحتفال برأس السنة و كل ما يمت اليها بصلة، و انا راضية و مقتنعة و قانعة بإحتفالي البسيط مع ساعتي و كوب قهوتي الذي برد الأن!

اكتب لكم الان بعدما تغيرت ساعتي و اصبح التاريخ ١ يناير ٢٠٢٤، و اعتبر نفسي احتفلت مع الساعة و معكم بهذه السنة الجديدة، اسمع في الخارج اصوات الألعاب النارية اللندنية و لم اكلف على نفسي ان اتحرك و احاول ان اشاهدها من النافذة مثلما فعل أطفالي، فأنا من زهدي بها و لا مبالاتي اكتفيت فقط بسماع صوتها الذي اخترق جدران بيتي الصامت بدون إستئذان!

 

اتمنى لكم عاماً سعيداً مليئاً بالأحداث الجميلة و النجاح و الطمئنينة و راحة البال.


فوتكوا بعافية!

٨٣ مشاهدة٠ تعليق

أحدث المقالات

للاشترك في النشرة البريدية

للإشترك في النشرة البريدية

bottom of page