أهلا أصدقائي محبي الأفلام و الكتب، هل شاهدتم فيلماً من قبل و أسركم مشهدٌ واحدٌ بعينه و اخذتم تعيدونه مراراً و تكراراً؟
هذا ما حدث معي عندما شاهدت فيلم اورلاندو ليلة البارحة، و هو فيلم انتج عام ١٩٩٢ و مقتبس من رواية اورلاندو للكاتبة فيرجينيا وولف. القصة تحكي عن رجل صغير يدعى اورلاندو، اعجبت به الملكة إليزابيث الأولى و قررت ان تحظيه و تهديه قصراً من قصورها و جعلته مخلداً لا يموت, فعاش اورلاندو منذ عام ١٦٠٠ الى ١٩٩٢، و في رواية فيرجينيا فقد عاش الى عام ١٩٢٨.
خلال هذه السنوات الطويلة، نشاهد تبدل حال بريطانيا و تاريخ استعماراتها و تغير المجتمع فيها من خلال نظرتهم و تعاملهم مع اورلاندو الذي تحول بعد مئتي سنة من ذكر الى انثى، و هذه رمزية بحتة في الفيلم تظهر كيفية التعامل مع الإناث و تغير النظرة تجاههن في ذلك المجتمع خلال مئات السنين.
القصة فيها الغرائب و العجائب، و التصوير و الملابس كانت تفوق الوصف في الجمال و الإبهار. الممثلة تيلدا سونتون كان ادائها متقن و مقنع و ملامحها تتبدل بين دورها كرجل و دورها كإمرأة.
الفيلم انتهج مدرسة الـpostmodernism السينمائية، حيث لا يوجد اي قواعد في الزمان او المكان و لا في الأحداث التاريخية، المدرسة تعتمد على الإبداع الفني بلا قيود لذلك يظهر في الفيلم الكثير من الرمزيات و الإسقاطات التي قد لا تكون منطقية و لا توافق الكثير من المعتقدات، و لكن الفن فن و لا يمكن تفسيره او الإتفاق معه كالعادة! لذا خذ منه ما يعجبك و اترك منه ما تراه غير مقنع.
المشهد الأيقوني
ما قبل المشهد ⬅️
كانت البطلة جالسة مع مجموعة من الشعراء الذين كانوا يضايقونها بكلامهم الجارح عن الإناث و نظرتهم لهن بالرغم من انهم شعراء غزل و كلامهم فيه رقيق، الكاميرا كانت تدور و تلف بين الحاضرين و يظهر و كأن اورلاندو محاصر بهذه النظرة الدونية.
بداية المشهد ⬅️
خرجت غاضبة من المكان و جائها الخبر الصاعق ان قصرها الجميل سوف يأخذونه منها لأنها الان تعد من الأموات، و في اللحظة نفسها يخطبها احد النبلاء و عندما رفضت طلبه اشتعل غضباً و قال انا انجلترا و انتي ملكي ! رمزية اخرى للإستعمار و الإستحقاقية العالية.
المشهد ⬅️
غضبت اورلاندو من ردة فعل ذلك النبيل و دخلت متاهة شجرية تركض و تركض لمدة ١٠٠ سنة كناية عن التيه و الضياع الذي كانت تشعر به، تشاهدون مرور الزمن يظهر جلياً في رمزية تبدل ملابسها، فقد تغيرت من فستان مبهرج و شعر مستعار ضخم و مجوهرات ملونة الى فستان قاتم و شعر مرفوع و اقراط بسيطة سوداء و وجه يخلو من مساحيق التجميل كناية عن انتقالها الى حقبة عصر الثورة الصناعية في بدايات الـ ١٨٠٠ ميلادي. تصل اولاندو الى نهاية المتاهة، تقابل شخصاً يرحب بها و يخبرها انها في المستقبل و تسمع صوت صافرة القطار بدون ان تراه تعبيراً عن المستقبل الصناعي!
هذا كل مافي جعبتي اليوم!
للأسف لم أجد المشاهد كاملة، و لكن هذه تشويقة حتى تشاهدوا الفيلم و تخبروني ما رأيكم فيه!
هل قرأتم رواية اورلاندو لفرجينيا وولف؟ انا لم اقرأها بعد و لكنها ستكون روايتي لهذا الأسبوع لأقارن بينها و بين الفيلم، و سأعود لأخبركم عنها في تدوينة قادمة!
اذا لا نية لديكم لقراءة الرواية، حسناً فعلتم لأنها طويلة و ربما تكون مملة لمن لا يحب الروايات، و لكن لا تنسوا ان تتركوا لي تعليقاً يسعدني و ينعشني اذا قرأته في صباح الغد!